ثار التوانسة فاهتز عرش مصر.. تخلصت تونس من طاغية مستبد وحاشية فاسدة ففرح المصريون وارتعدت فرائص نظام الحكم في مصر.
ومن شرفة الحكم أطل المسئولون عن مصر بنغمة جديدة في الخطاب، وفتحوا خزائن وعودهم وتعهدوا بمساندة الفقراء وبمحاربة الغلاء وبمواجهة البطالة، وبأن يملأوا مصر املا وعملا. وفي مقابل هذه الوعود بدأ المصريون تنفيذ سيناريو الزلزال التونسي وصارت حوادث الانتحار علي طريقة »بو عزيزي« التونسي حدثا يتكرر كل بضع ساعات في مصر، وسيطر علي وجه مصر سؤال واحد . هل يتكرر الزلزال التونسي في مصر؟.
علي طريقة الأطباء النفسيين وضعت تونس.. الدولة والناس والاقتصاد والسياسة.. علي»شيزلونج«..
ووضعت مصر بحالها ومالها علي »شيزلونج« آخر ورحت أقارن بينهما.
في بداية المقارنة اندهشت وفي وسطها تعجبت.. وفي نهايتها سألت نفسي: لماذا ثار التوانسة رغم ان المصريين كانوا هم الأولي بالثورة؟
وعلي كل الأحوال فإن مقارنة أحوال مصر بتونس لابد وأن تجعل أهل الحكم في مصر يضعون أيديهم علي قلوبهم، وترتعد فرائصهم والسبب أن المقارنة بين مصر الصامتة وتونس الثائرة تنتهي الي نتيجة واحدة وهي أن مصر التي تبدو ساكنة تخطت مرحلة الخطر وأن الثورة تسكن كل جوانبها.
المقارنة تقول إن تونس التي ثار أهلها قبل أيام أفضل حالاً بكثير من مصر وبالتالي فإن مصر هي الأولي بالثورة.
وحسب دراسة مهمة للباحث الاقتصادي رضا عيسي فإن الثورة التونسية أشعلها الرئيس المخلوع »زين العابدين بن علي« بنيران صديقة وتقول الدراسة ان تلك النيران لم تكن سوي الضرائب الباهظة التي فرضها نظام »بن علي« علي التونسيين إضافة الي تحسين النظام التعليمي.
وتقول الدراسة إن حال التعليم في مصر أسوأ بكثير من حال التعليم التونسي فحسب بيانات المنتدي الاقتصادي العالمي فإن تونس تنفق علي التعليم »7.2٪« من الناتج القومي، أما مصر فلا تنفق سوي »3.7٪« وتقول بيانات ذات المنتدي إن تونس احتلت المرتبة »20« عالمياً في مؤشر جودة نظام التعليم بينما جاءت مصر في المرتبة »121« من بين »139« دولة، أما في مؤشر جودة إدارة المدارس فجاءت تونس في المرتبة »22« عالمياً وجاءت مصر في المرتبة »122«.
في حين أن مؤشر تدريس الرياضيات والعلوم في المدارس يقول ان تونس تأتي في المرتبة »8« عالمياً بينما جاءت مصر في المرتبة »125« من بين »139« دولة.
وفي مجال هجرة العقول جاءت تونس في المرتبة »42« بينما جاءت مصر في المرتبة »114«.
أما نسبة انتشار الأمية فتصل في تونس إلي »10٪« بينما هي في مصر »40٪«.
باختصار حال التعليم في تونس افضل بكثير من مصر، وهو نفس الحال في مجال الصحة، حيث تنفق تونس علي الصحة »3.2٪« من ناتجها القومي بينما تنفق مصر »2.4٪« فقط.
وإذا كانت حكومة نظيف تصدع رؤوس المصريين بمصطلح الحكومة الإلكترونية فإن مؤشر الأمم المتحدة للحكومات الالكترونية يقول ان الحكومة التونسية عام 2010 هي الحكومة الالكترونية الأولي في أفريقيا يليها موريشيوس ثم مصر أما علي المستوي العالمي فجاءت الحكومة الالكترونية التونسية في المرتبة »66« عالمياً بينما جاءت حكومة نظيف الإلكترونية في المرتبة »86« عالمياً، ومع ذلك لم تشفع الحكومة الالكترونية لأهل تونس وثاروا ضدها.
في المجال الاقتصادي المقارنة بين مصر وتونس لصالح تونس أيضاً فمتوسط نصيب الفرد في تونس من الناتج القومي يبلغ »7140« دولاراً بينما مثيلتها في مصر »5460« دولاراً وذلك بمقياس تعادل القوي الشرائية، أما بمقياس سعر الصرف فان نصيب المواطن التونسي من الدخل القومي يبلغ »4019« دولاراً بينما في مصر »2192« دولاراً فقط.
وفقاً لمنظمة الشفافية العالمية فإن تونس اكثر شفافية من مصر ففي عام 1999 كان ترتيب مصر»67« ثم تراجعت عام 2005 الي المرتبة »76« وواصلت تراجعها لتصل عام 2008 الي المرتبة »115« وتحسنت نوعياً عام 2009 لتستقر في المستوي »111«.
أما تونس فكان ترتيبها في مجال الشفافية »35« عالمياً عام 1999 ثم صارت في المرتبة »43« عام 2005 وبعد »3« أعوام تراجعت الي المرتبة »62« وفي عام 2009 وصلت للمرتبة »65«.. وهكذا يتضح أن تونس أكثر شفافية من مصر في كل السنوات.
أداء حكومة تونس أفضل بكثير أيضاً من أداء حكومة نظيف وتحتل تونس المرتبة الخامسة عالمياً في فاقد الانفاق الحكومي أما مصر ففي المرتبة »51« عالمياً من بين »139« دولة أي أن فاقد الانفاق الحكومي التونسي يكاد لا يذكر ومع ذلك ثار عليها التوانسة!
وحققت تونس تقدماً مذهلاً في التنافسية الاقتصادية اذ احتلت المرتبة »32« عالمياً بينما جاء ترتيب مصر متأخراً عنها بمقدار »49« درجة حيث توقفت مصر عند المرتبة »81« عالمياً.
وفي مؤشر فعالية قوانين مكافحة الاحتكار جاءت تونس في المرتبة »18« عالمياً بينما مصر في المرتبة »106«.
معدل التضخم أيضاً في صالح تونس ففي مصر وصل المعدل في عام 1995 الي »15٪« وواصل هبوطه حتي تولي حكومة أحمد نظيف فبدأ في الصعود حتي وصل عام 2008 الي »18٪« في حين ان معدل التضخم في تونس لم يزد أبداً علي »6٪« ومعني ذلك ان الغلاء في مصر يعادل ثلاثة أمثال الغلاء في تونس!.
حتي الطرق في تونس أفضل من مصر وطبقاً للمنتدي الاقتصادي العالمي فان طرق تونس في المرتبة »37« عالمياً من حيث الجودة أما طرق مصر ففي المرتبة »75«.
وفي مجال سهولة ممارسة الأعمال تحتل تونس المرتبة »55« عالمياً عام 2011 أما مصر ففي المرتبة »94«.
ولا تتقدم مصر عن تونس سوي في »3« محاولات أولاها الضرائب فمجموع الضرائب المفروضة في تونس تستقطع »62.8٪« من دخل التوانسة بينما في مصر تبلغ »42.6٪« من الدخل.
المجال الثاني هو البطالة فحسب بيانات منظمة العمل الدولية فان البطالة في مصر بلغت عام 2004 حوالي »8.1٪« وعام 2007 حوالي»8.9٪« ووصلت عام 2008 الي »8.7٪« أي ان البطالة عادت لترتفع عما كانت عليه قبل »7 سنوات« أما في تونس فسجلت معدلات البطالة »16٪« عام 2004 و»14.1٪« عام 2007 و»14.2٪« عام 2008، ورغم انها مرتفعة عن مصر الا انها في تناقص علي عكس حال مصر.
المجال الثالث يتعلق بالديون الخارجية فنصيب كل تونسي من الديون الخارجية 2087 دولاراً اما في مصر فيبلغ نصيب الفرد »412« دولاراً فقط.
وخلاصة المقارنة أن الضرائب الباهظة هي الشرارة التي أشعلت ثورة تونس فهل يشعل بطرس غالي وزير المالية ثورة المصريين ويواصل سياسته في رفع الضرائب؟!
0 التعليقات:
إرسال تعليق